الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

أشهر المعماريين العرب

شهدت فترة السبعينيات من القرن الماضي ظهور العديد من رواد المعماريين من العالم العربي الذين تركوا بصماتهم الواضحة على خريطة العمارة العربية المعاصرة مما تخطى الحدود الإقليمية لمواقعهم الجغرافية، هذه الإسهامات الفاعلة راوحت بين الفكر النظري الذي شمل الندوات والمحاضرات وإسهامات التحكيم المحلي والإقليمي والعالمي، إضافة إلى العطاء الوافر من المشاريع المختلفة التي شملت المباني السكنية ومشاريع الإسكان والتي تعد دوما الأكثر إثارة للجدل في مدى نجاحتها ومواءمتها للبيئة الاجتماعية، إلى المشاريع ذات الطابع التعليمي كالمدارس والجامعات والمتاحف ومعاهد التعليم المختلفة، إلى المباني الدينية والحكومية والعامة كالمكاتب وغيرها، هذا على مستوى العمارة أما على مستوى التخطيط الحضري فقد تعدت إسهاماتهم حدود الإقليم لتشمل مراكز المدن المختلفة والأكثر اكتظاظا كالقاهرة والرياض وعمان والدوحة وبيروت وبغداد ومكة وصنعاء والكويت وغيرها من مدن العالم العربي المختلفة.

وقد تمثلت هذه الحركة المعمارية الرائدة بمجموعة من المعماريين العرب الذين تلقوا علومهم من أقطار مختلفة حيث تمركزوا بعد عودتهم إلى العالم العربي أو إبان بداية انطلاق نشاطاتهم، وينقسم هؤلاء المعماريين إلى فئتين من حيث منهجهم (التجديدي):

 الفئة الأولى ويمكن أن يطلق عليها (فئة المجددين من الداخل): 

ونقصد بها مجموعة من المعماريين الذين تشكلت إحداثيات ثقافتهم وعلومهم ضمن إطار الثقافة العربية كإطار وكمحتوى. وبكلمات أخرى هم معماريون تلقوا علومهم المعمارية ضمن معاهد العالم العربي، ونشأوا ضمن إطار العالم العربي لدى تشكل فكرهم المعماري النهضوي، ولعل ابرز هؤلاء المعماريين هو حسن فتحي الذي نشأ وتتلمذ معماريا بالقاهرة حيث تمركز للسنوات الخمسين التالية من حياته المهنية.

أما الفئة الثانية ويمكن أن نطلق عليها (فئة التجديد من الخارج):

 وتتمثل بمجموعة من المعماريين الذين تشكلت إحداثيات فكرهم النهضوي العام ضمن إطار الحضارة العربية الإسلامية، غير أن خصوصية الفكر المعماري لديهم صيغت ضمن إطار النظريات الغربية في فترة معينة من حياتهم الأكاديمية.وهذه الفئة تشكل غالبية رواد العمارة العربية المعاصرة على اثر الانفتاح الثقافي على الغرب من خلال الإرساليات والبعثات الدراسية الحكومية والخاصة، وابرز رواد الفئة الثانية:
محمد صالح مكية من العراق، والذي تخرج من جامعة كامبردج بانجلترا، وزاول نشاطه المهني في أقطار عربية مختلفة من دول الخليج والعراق، وتمركز بلندن إضافة إلى العديد من المكاتب الإقليمية الأخرى بدول الخليج العربي.
عبد الواحد الوكيل الذي تتلمذ على حسن فتحي بيد انه زاول نشاطه المهني بدول الخليج العربي انطلاقا من مكاتبه الإقليمية بلندن والولايات المتحدة.
رفعت جادرجي الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له لممارسة نشاطه الفكري المعمار.
الدكتور عبد الحليم إبراهيم خريج جامعة بيركلي بكاليفورنيا فيتخذ من مكتبيه بالقاهرة مقرين رئيسين لممارسة فكره المعماري التطبيقي في دول الخليج العربي ودول بلاد الشام.
المعماري راسم بدران كذلك ينتمي لذات الفئة الثانية حيث تخرج من جامعة دارمشتادت بألمانيا الغربية.
 
وعلى الرغم مما قد يبدو للوهلة الأولى من تباين بين الفئتين من حيث تشكل الإطار الفكري المعماري على وجه الخصوص، إذ تتباين البيئة الثقافية الفكرية التي صاغت معالم التفكير لدى الفئتين كأداة وكمحتوى، إضافة إلى تباين المنهج إذ بينما تسعى (فئة التجديد من الداخل) إلى تفعيل التراث وإحياء إيجابياته لإصلاح المجتمع، تسعى (فئة التجديد من الخارج) لتطبيق (نظريات) على التراث ضمن إطار البحث عن الهوية والتوفيق بين الاصالة والمعاصرة.

إلا أن الفئتين تلتقيان في النهاية في منتصف الطريق رغم اختلاف المنهج. 

المعماري حسن فتحي:

حسن فتحي الملقب بشيخ المعماريين المصريين
  1. مقدمة
  2. السيرة الذاتية 
  3. المناصب الشرفية 
  4. المشروعات المعمارية و المراحل التي مر بها 
  5. تجربته  
  6. مؤلفاته 
  7. الجوائز 

مقدمة:

حسن فتحي معماري مصري وُلد في بداية القرن العشرين و انتقل مع أسرته في طفولته إلى القاهرة ليسكن في حي الجمالية العتيق (الذي ظل يسكنه طوال حياته) وكانت له معاناته الكبيرة من جراء سيطرة الثقافة الغربية على أفكار مهندسي تلك الفترة و التي لم يسلم منها حتى بعض زملاؤه الذين سايروا، وجاملوا، وقلدوا شتى النزعات الغريبة. وترجع أهمية حسن فتحي إلى كونه أول من شخّص مركب النقص عند المعماريين المصريين إزاء منجزات العمارة الغربية. وقد يبدو هذا الأمر، في يومنا هذا، مسألة اعتيادية، فنحن محاطون بجملة من هذه الآراء التي نلحظ حضورها كلما جرى الحديث على واقع العمارة العربية.
بدأ كشفه الأصول الفنية للعمارة الإسلامية بدءا من مواد البناء الأولية الطبيعية إلى التصميم العام للمباني و بدأ يعلن فلسفته في ضرورة نشر هذا النوع من المساكن , وأوفدته الكلية في بعثة إلى باريس ليدرس الدكتوراه. انشغل بالتجول في انحاء مصر و العالم العربي ليكتشف من المباني أصول تصميم و تنفيذ المعمار المحلي. 

السيرة الذاتية:

  • ميلاد حسن فتحي في الإسكندرية (23 مارس 1900) 
  • دبلوم العمارة من المهندس خانة – جامعة الملك فؤاد الأول (القاهرة حالياً) (1926) 
  • مهندس بالمجالس البلدية (1926 - 1930) 
  • عين كأول معيد مصري و أول مدرس بكلية الفنون الجميلة (1930 - 1946) 
  • رئيس إدارة المباني المدرسية بوزارة المعارف (1949 - 1952) 
  • خبير بمنظمة الأمم المتحدة لإعانة اللاجئين (1950) 
  • أستاذ بكلية الفنون الجميلة و رئيس قسم العمارة بداية من (1954 الي 1957) (1953- 1957) 
  • خبير في مؤسسة "دوكسياريس" للتصميم والإنشاء بأثينا وحاضر بمعهد أثينا للتكنولوجيا وشارك في بحث عن مدينة المستقبل من ( 1959 الي 1961) ( 1957- 1962) 
  • رئيس مشروع تجريبي للإسكان تابع لوزارة البحث العلمي بالقاهرة و مستشار لوزارة السياحة (1963- 1965) 
  • خبير بمنظمة الأمم المتحدة في مشروع التنمية بالمملكة العربية السعودية (1966) 
  • أستاذ زائر في قسم تخطيط المدن و العمارة بجامعة الأزهر الشريف (1966 - 1967) 
  • خبير بمعهد أدلاي إستفسون بجامعة شيكاغو (1967 - 1969) 
  • أستاذ زائر للإسكان الريفي في كلية الزراعة جامعة القاهرة (1975 - 1977) 
  • وفاة حسن فتحي في القاهرة (30 نوفمبر 1989). 

المناصب الشرفية:

  • عضو المجلس الأعلى للفنون والآداب – مصر. 
  • عضو شرف مركز الأبحاث الأمريكية – القاهرة. 
  • رئيس لمجمع الدائرة المستديرة الدولية لتخطيط عمارة القاهرة بمناسبة عيدها الألفي. 
  • عضو شرف المعهد الأمريكي للعمارة. 
  • رئيس شرف المؤتمر الدائم للمعماريين المصريين الأول 1985 و الثاني 1986 و الثالث 1987 و الرابع 1988 
  • عضو لحنة تحكيم جائزة الاغاخان في العمارة من 1976 إلى 1980. 

المشروعات المعمارية:

المراحل التي مر بها:

المرحلة الأولى 1926- 1937 : بعد تخرجه مباشرة وفيها كان يتبع الطرز العالمية في البناء.

المرحلة الثانية 1937- 1956 : و اتجه فيها إلى اكتشاف و إحياء العمارة المحلية و أبرز مشاريعها قرية القرنة.

المرحلة الثالثة 1957- 1962 : هي فترة عمله في اليونان و فيها قام بالعديد من المشاريع و شارك في مشروع مدينة المستقبل.

المرحلة الرابعة 1963-1980 : هي أكثر المراحل انتاجية و ابداعا و أشهر مشاريعها قرية باريس.

المرحلة الخامسة 1980- 1989:قلّت فيها المشاريع – لدواعي التقدم في السن – و أهم مشاريعها هي قرية دار الإسلام .


أكثر من 160 مشروع ، أهمها و التي تمثل نقطة تحول بارزة في أعماله:

1937 فيلا جرافيس و كانت أول منزل يستخدم فيه عناصر جديدة مثل الفناء المركزي و الفصل بين المساحات العامة و الخاصة و المقعد و المشربية و ذلك خلافا لأعماله السابقة التي كان يغلب عليها النمط المعماري العالمي. 

1941 منزل للجمعية الزراعية الملكية في بهتيم و هو أول مشروع يستخدم الطين في بنائه وبسببه اتجه إلى اكتشاف تقنيات البناء النوبية لإنشاء القبة و القبو. 

1948 قرية القرنة أشهر أعماله التي روي قصة بنائها في كتاب عمارة الفقراء مما شد الانتباه العالمي إليه. وقد تم بناء بعض المباني الخدمية و 130 منزل من اصل 900 منزل كان من المخطط بنائها.
 
1949 فيلا عزيزة هانم حسنين و هي أول مشروع يستخدم في بنائه الحجر.
 
1950 مسجد في البنجاب بالهند و استخدم فيه لأول مرة بلاطات مطوية خفيفة الوزن baratsi truss لتغطية السقف. 

1967 قرية باريس و استطاع فيها الوصول إلى خفض هائل لدرجة الحرارة يصل إلى 15 درجة مئوية (15 درجة مئوية فرق الحرارة بين داخل الفراغ و خارجه) باستخدام أساليب التهوية الطبيعية لمبني السوق و تم بنائها بالطوب الرملي . 

تجربته:

يعتبر نضال حسن فتحي لتغيير المفاهيم المترسخة لدى عقلية البيروقراط المصرية مادة بحثية هامة لأغلب المتخصصين و ملمحا هاما من ملامح نضوج الشخصية المعمارية المصرية, و قد مرت رحلة حسن فتحي بمراحل من الفشل و النجاح كان أولها في بهتيم المصرية و آخرها في دار الإسلام في نيو ميكسيكو الأمريكية.

الفشل الأول في بهتيم:

وضع حسن فتحي تصميما كاملا للقرية التي كان يحلم بإنشائها، وبدأ البحث عن موقع لإقامتها وعن جهة تنفق على تنفيذها، وحصل على هذه الفرصة عام 1941 عندما قررت " الجمعية الزراعية الملكية " أن تبني مساكن نموذجية للفلاحين في قرية " بهتيم "، واستطاع أن يقنع المسئولين بمشروعه، وكانت تجربة فريدة أثارت اهتماما واسعا بين الزراعيين، لكنها لم تجد ترحيبا بين المسئولين أو لدى زملائه المهندسين، وقد أدهشه أن تقابل هذه التجربة بالرفض والتجاهل. كان الفكر الهندسي السائد في مصر يقدس العمارة الغربية الحديثة، ويهزأ من فكرة العمارة الريفية والشعبية، ويعتبرها تخلفا أو تمسكا بالتخلف، لهذا رأى المعماريون في نظرية " حسن فتحي" تخلفا يبعد بها عن العصرية. أما هو فكان يرد على زملائه بقوله: " ليس من المعقول أن نشيد بيتا شرقيا في أوربا، أو بيتا أوربيا في الصحراء العربية، إن طبيعة المناخ المحلي تفرض طراز البيت، ومن الخطأ نقل الأفكار من بلد لآخر دون أي اعتبار للظروف المناخية والتقاليد الاجتماعية المحلية ". وكانت مجموعة المباني التي أقامها في " بهتيم " هي فشله الأول، فلم تكن قرية متكاملة، وقد عانت من التجاهل والسلبية من المسئولين، كما رفض الفلاحون سكناها لأن تصميم البيوت لم يتضمن مكانا لحظيرة المواشي التي أبعدها المعماري عن مسكن الفلاح، وبرر ذلك باعتبارات صحية، ولأنه كان يتقزز من فكرة معيشة الإنسان مع حيوانات الحقل في مسكن واحد. لم يتفهم حسن فتحي الأرستقراطي النشأة، أن إصراره على عزل حظيرة المواشي عن مسكن الفلاح هو أمر يطير النوم من العيون، فالبقرة التي تعمل مع صاحبها في الحقل نهارا يتحول هو إلى حارسها ليلا ، يطعمها ويحلبها . ولم يدرك المعماري المفكر مدى عمق الارتباط بين الفلاح المصري وماشيته ، ولم يفطن إلى أن هذه العلاقة بلغت من المبالغة والتضخم حد التقديس في بلد زراعي آخر هو الهند، ومن هنا كان إصراره على عزل الفلاح عن ماشيته بحجة أن اشتراكهما في المسكن أمر غير صحي وغير إنساني. هذا الإصرار لقي تعاطفا في الغرب ورفضا مطلقا من الفلاح المصري، وقد أصر حسن فتحب على هذا الموقف ورفض أي مرونة أو تنازل عنه طيلة حياته، وهي مسألة كان يتحتم إيجاد حل معماري لها دون الإصرار على التفرقة بين الفلاح وماشيته التي يستهدفها اللصوص والضواري. وقد تصدعت مساكن بهتيم المهجورة ولم تعش طويلا، كما أن الفنان لم يكن في ذلك الوقت قد وضع دراسات علمية إنشائية حول قدرة الجدران الطينية على التحمل، كما لم يكن قد توصل بعد إلى فكرة الأسقف بالقبة والقبو التي واصل استخدامها النوبيون حتى تهجيرهم .

الفشل الثاني في قرية القرنة

جاءت الفرصة الثانية عندما طلبت منه مصلحة الآثار عام 1946 أن يبني قرية كاملة غرب مدينة الأقصر لينتقل إليها أهالي " القرنة ". وقرية " القرنة " تقع في الجبل الغربي فوق أغنى منطقة بالآثار المصرية القديمة حيث مقابر الملوك والملكات والنبلاء، وأثمن كنوز الحضارة المصرية القديمة. وقد تفنن أهل " القرنة " في التفتيش عن الآثار وفي بيعها وتهريبها، بل وصهرها أحيانا لبيعها ذهبا خاما، وكان لهم تاريخ طويل ضج منه رجال الآثار، وفيلم " المومياء " لشادي عبد السلام يبرز بلغة السينما جانبا من هموم هذه المنطقة. لم يجد المسئولون عن الآثار حلا لهذه المشكلة سوى تهجير أهالي قرية القرنة من موقعها في الجبل إلى مكان آخر، لحماية ما تبقى من آثار. كما وجدوا أن أرخص عمارة وأكثرها ملاءمة " للقرنة الجديدة " النموذجية هي عمارة حسن فتحي الطينية. وأحس المعماري الفنان أن هذه هي فرصته لإبراز أفكاره بشكل عملي يفحم كل معارضيه، فجمع العمال والبناءين وذهب إلى القرية القديمة وطاف بها بيتا بيتا، وقابل أهلها وأقطابها وشرح لهم مزايا الانتقال، وضرورة التخلي عن الحلم الموروث في الحصول على الكنز، واستطاع أن يقنع أغلبهم بل ويثير حماسهم ( أو هكذا تصور ). وارتفعت أعمدة المباني العامة : المسجد، والمسرح، والسوق، ومعرض لمنتجات القرية، ومدرسة للبنين، وحظيرة المواشي الجماعية، وعدد من المرافق الأخرى، وحول منطقة المرافق تمت إقامة جزء من المباني السكنية. لكن العقبات بدأت تظهر ليتعثر المشروع ثم يتوقف, وأعلن حسن فتحي أنه لم يستطع إتمام مشروعه، واعترف بفشله الثاني، وامتنع أهالي القرنة عن النزول من الجبل لسكنى القرية الجديدة، وكانت الأوضاع السياسية قد تغيرت بعد 1952 فلم تجبرهم السلطات على الانتقال، كما أن الفلاحين في المنطقة رفضوا سكنى القرية بسبب الفصل بينهم وبين ماشيتهم. وظلت قرية القرنة الجديدة لأكثر من 30 عاما " سيمفونية لم تتم " لأنها ظلت مهجورة، حتى أدى ضغط الانفجار السكاني إلى سكناها بعد تغيير بعض معالمها، وقد تم ترميم المسرح عام 1983. وفي قصة " الجبل " لفتحي غانم- التي تحولت إلى فيلم سينمائي- جانب من أحداث هذا المشروع الذي ظل مهجورا حوالي ثلاثين عاما. و في أغلب الأحوال فإن الخطأ في العمارة سواء من ناحية منفعتها أو جمالياتها، يعلن عن نفسه كاشفا عن عيوبها أو محرضا الناس على السؤال عن سبب " خرابها "، وكأنه جريمة معلنة طوال الوقت. وقديما قال أحد الحكماء: " إن الطبيب يدفن خطأه بينما المعماري يبرزه للناس كعاهة المتسول ! ". وقرية القرنة " ظلت مهجورة عشرات السنين، ومعروف أنها من الناحية الجمالية أقرب إلى قطعة موسيقية عذبة منها إلى قرية ريفية، وكانت مشاهدة " القرنة الجديدة " وزيارتها تمثل جزءا في برنامج رحلات السائحين وزائري المنطقة من المصريين والأجانب، إلى جانب مشاهدة الآثار، وقد رفض أهالي " القرنة الجديدة " الهجرة إلى المنطقة المنخفضة لرطوبتها بعيدا عن الجبل، ولأنهم يتعالون على الفلاحين الذين يسكنون المنطقة الزراعية، ومهنة أهالي " القرنة " هي إرشاد السائحين والاتجار في الآثار الحقيقية والمزيفة. ورغم هذا فقد حققت تصميمات حسن فتحي للقرنة أكبر نجاح لنظريته عندما عرضها ودافع عنها في كتابه " القرنة.. قصة قريتين " الذي طبع فيما بعد تحت اسم " عمارة الفقراء "، وهذا هو مثار التعجب في حياة هذا المعماري العبقري عندما حصل على الجوائز والتقدير المحلي والعالمي عن فشله الثاني في مشروع معماري لم يتم.

الفشل الثالث في الواحات

المشروع الثالث الذي أقامه الفنان هو قرية " باريز الجديدة " في أصغر واحات الوادي الجديد قرب " الخارجة " وقد تبنت هذا المشروع مؤسسة تعمير الصحاري. و " باريز الجديدة " أو "باريس الجديدة" في بعض المصادر تبعد ستة كيلو مترات عن واحة باريز القديمة، حول بئر اكتشفته هيئة تعمير الصحاري عام 1963 وقد وضع الفنان دراسات دقيقة تفصيلية وبدأ التنفيذ 1965، وقبل أن يتم مشروعه قامت حرب 1967 فتوقف العمل. لكن الأهالي رفضوا الانتقال إلى القرية الجديدة لسبب غاب عن وعي الفنان وربما لم يكن في مقدوره أن يتفاداه، إذ إن أهالي الواحات يقيمون مدافن موتاهم في مبان ذات أقبية، وأسلوب البناء عند حسن فتحي يحتم استخدام القبو والقبة، لهذا رفض الأهالي الانتقال إلى القرية الجديدة فقد تصوروا أنهم سينتقلون إلى مجموعة من القبور، وفشل المشروع الثالث.

النجاح الوحيد و الغير مكتمل

المشروع الرابع الذي انتقل بالفنان العالمي إلى بؤرة الأضواء عالميا هو مشروع " دار الإسلام " الذي أقامه عام 1981، وأنجز جانبا منه في " نيومكسيكو " بالولايات المتحدة الأمريكية لحساب " منظمة دار الإسلام " وقد نفذ من تصميماته لهذه القرية: المسجد، والمدرسة، وبيت الطلبة، جمع فيها بين طابع المباني الإسلامية في المنطقة العربية والأسلوب الريفي في الأسقف بالقباب. نجح هذا المشروع وحقق أكبر الأثر في حسن استقبال نظرياته المعمارية، وتوالى بعد ذلك التقدير العالمي لفنه والاحتفال بأسلوبه والاعتراف به كأحسن المعماريين ، قبل وفاته بخمس سنوات فقط.

مؤلفاته:

  • "قصة مشربية". 
  • قصة " Le Pays d`Utopie " في مجلة " La Revue du Caire ". 
  • عمارة الفقراء 
  • كتاب "العمارة والبيئة" ـ كتابك ـ دار المعارف 1977. 
  • كتاب "الطاقة الطبيعية والعمارة التقليدية: مبادئ وأمثلة من المناخ الجاف الحار"، جامعة الأمم المتحدة - >طوكيو، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى1988. 
  • الكثير من الأبحاث في مجال العمارة والإسكان والتخطيط العمراني وتاريخ العمارة بالإنجليزية والفرنسية والعربية. 

الجوائز:

  • 1958 جائزة الدولة التشجيعية في العمارة عن تصميم وتنفيذ قرية " القرنة الجديدة " ( النموذجية بالأقصر )، وكان أول معماري يحصل عليها عند تأسيس هذه الجائزة في ذلك التاريخ - مصر. 
  • 1959 ميدالية وزارة التربية والتعليم ، ثم وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى - مصر. 
  • 1959 جائزة الدولة التشجيعية للفنون الجميلة (ميدالية ذهبية) - مصر. 
  • 1960 ميدالية هيئة الآثار المصرية - مصر. 
  • 1967 جائزة الدولة التقديرية للفنون الجميلة - مصر. 
  • 1980 جائزة الرئيس - منظمة الاغاخان للعمارة . 
  • 1980 أول فائز بجائزة نوبل البديلة RLA و هي جائزة يقدمها البرلمان السويدي في اليوم السابق لتوزيع جوائز نوبل التي يقدمها ملك و ملكة السويد (و التي لا تضم جائزة للهندسة المعمارية) . 
  • 1980 جائزة بالزان العالمية - إيطاليا . 
  • 1984 الميدالية الذهبية الأولى - الاتحاد الدولي للمعماريين في باريس (لقبه الاتحاد الدولي للمعماريين UIA بأحسن مهندس معماري في العالم في ذلك الوقت، وهذا الاتحاد يضم تسعة آلاف معماري يمثلون 98 دولة، وأعلن وقتها أن نظرياته الإنشائية ومفاهيمه المعمارية يتم تدرسها للطلاب في 44 جامعة بالولايات المتحدة وكندا وجامعات أخرى في دول شمال أوربا). 
  • 1987 جائزة لويس سوليفان للعمارة (ميدالية ذهبية) - الاتحاد الدولي للبناء و الحرف التقليدية. 
  • 1988 الجائزة التذكارية لكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا التي قدمت له خلال المؤتمر العلمي الرابع لها وقد أعلن حسن فتحي عند تسلمه الجائزة أن هذا هو أول تكريم من محفل أكاديمي مصري يحصل عليه في حياته، وكان ذلك قبل وفاته بعام واحد.

المعماري راسم بدران

ويعد راسم بدران أكثر رواد الفئة الثانية غزارة من حيث إنتاجه الفكري المعماري.

ابرز ملامح مدرسة راسم بدران الفكرية منهجا وتطبيقا.

يعتبر المعماري راسم بدران المولود بالقدس عام 1945 احد أعلام العمارة العربية المعاصرة واحد ابرز رواد الفكر المعماري العربي المعاصر عربيا وعالميا بما أسسه من خلال مدرسته الفكرية، ودرس العمارة في الستينات في دارمشتادت، حيث دأب ومنذ عودته إلى عمان بالأردن منذ أواخر السبعينيات على تبني التراث كإطار لطرح مسألة الهوية والتجديد، وعكست طروحاته الفكرية من خلال مشاريعه المختلفة في كثير من البلدان العربية، ومنها في الأردن والعربية السعودية وقطر وسورية ولبنان سعيا حثيثا لطرق إشكالية الأصالة والمعاصرة ضمن إطار العمارة العربية الإسلامية. حصل على الكثير من الجوائز منها جائزة الآغا خان للعمارة الإسلامية.

ويمكن تقسيم فترة مزاولة نشاط بدران الفكري التطبيقي إلى المراحل التالية تبعا لظروف ومتغيرات كل منها: 

المرحلة الأولى:

وتبدأ منذ عودته من ألمانيا إلى الأردن منذ منتصف السبعينيات وحتى أواخرها. وفي هذه الفترة تجلت قدرات راسم بدران المعمارية محليا بالأردن من خلال العديد من المباني السكنية التي عكست (طفرة فكرية معمارية) متميزة في طرح مفهوم المسكن بما يجمع بين خصوصية الحياة الاجتماعية التي سادت في البيئة التقليدية والق وأناقة عمارة البيت المعاصر، ومن ابرز البيوت التي صممها بتلك الفترة بيوت (خوري، وماضي، وحنظل، وحتاحت).

المرحلة الثانية:

وقد تجلت خلال فترة الثمانينيات، وعكست هذه الفترة قدرة المهندس بدران على التعامل مع مختلف المشاريع ذات الوظائف المتعددة والمساحات الكبيرة، وقد كانت هذه الفترة هي بداية صعود نجم المعمار راسم بدران عربيا وعالميا من خلال فوزه بالجوائز الأولى في العديد من المسابقات العربية محدودة النطاق مثل مسابقة (آل البيت بعمان بالأردن)، وجامع الدولة الكبير ببغداد، وحيث اظهر بدران قوة الفكرة المعمارية وبراعة الإظهار من خلال موهبته الفنية الفريدة، وفي منتصف الثمانينيات توسعت الدائرة لتشمل أقطارا أخرى.

وكان فوزه بمشروع تطوير منطقة قصر الحكم، حيث فاز بالجائزة الأولى وحصل على عطاء تنفيذ القصر والجامع والذي فاز من خلاله في منتصف التسعينيات بجائزة الآغاخان للعمارة الإسلامية. أيضا فترة الثمانينيات احتوت على الانفتاح على معاهد العلم الرائدة سواء من خلال الأبحاث والدراسات التي أجريت على فكره النظري وأعماله كأطروحات الماجستير بجامعة (ام، آي، تي). او من خلال المشاركة شخصيا بناء على دعوات رسمية في المؤتمرات والندوات التي نظمتها دورة الآغاخان في جامعة (هارفارد) كمحاضر أو كعضو لجنة تحكيم دولية. 

وتعد هذه المرحلة الثانية منعطفا مهما في حياة راسم بدران المهنية، إذ شهدت تبلور فكره النظري المعماري وإعادة الانفتاح الفكري مع منابر العلم المعماري العالمي، مما أثرى الحوار والخطاب المعماري وكان حافزا للكثير من طلاب العلم المعماري محليا وعربيا وعالميا لإعادة التفكير في مفاهيم طرحها راسم بدران في مشاريعه المختلفة، كمفاهيم (العمارة المحلية) وما عكسته مشاريعه من قدرة فريدة متجددة على إثراء البدائل دون تكرار.

كذلك فقد طرح راسم بدران بقوة مسألة إعادة قراءة مفردات العمارة التراثية بأسلوب معاصر، وكان طرحه لها منهجيا لا كغاية أو مبتغى نهائيا مما يفتح الباب أمام الاجتهاد والتفكير المتجدد وهو ما تتميز به مدرسته المعمارية.

المرحلة الثالثة:

وتبدأ مع التسعينيات وتمثل نقلة نوعية في الحوار وقدرة بدران على التوفيق بين الطروحات الفكرية ضمن إطار الفريق المعماري المحلي أو العربي أو العالمي، إذ شهدت سلسلة من التعاون المعماري العربي والعالمي المشترك من خلال مشاريع التآلف التي قام بها مع رواد العمارة العربية أمثال الدكتور عبد الحليم إبراهيم في تطوير مشاريع حضرية منها مشروع تطوير منطقة الجمالية بالقاهرة، أو واحة العلوم والفضاء بالرياض، أو تطوير وسط مدينة عمان، وأضرحة الصحابة بالكرك وضريح الإمام البخاري بسمرقند وتخطيط الجامعة الإسلامية بكوالالمبور ، وكذلك العمل المشترك مع الدكتور محمد صالح مكية والدكتور عبد الحليم إبراهيم وآخرين على تخطيط مشروع جامعة أم القرى بمكة المكرمة. 

ولعل فترة التسعينيات قد عكست قدرات التعامل الفكري مع الطروحات المختلفة وصياغتها ضمن عمل معماري واحد متجانس، إضافة لما يعنيه من تميز وقدرة على الانفتاح الذهني المتجدد للمفاهيم والأفكار المستجدة. 

وابرز ما يميز المرحلة الأخيرة النقلة النوعية في إدخال التفاصيل المعمارية الوظيفية المنبثقة من إدخال عناصر معمارية ومواد إنشائية طالما نسبت للعمارة الحديثة، ومشروعه الأخير بأسواق قصر الحكم بالرياض وكذلك متحف قطر وغيرها تؤكد هذه الفكرة. 

وهكذا فان هذه المشاريع المتأخرة إنما هي إيذان ببزوغ مرحلة جديدة في حياة راسم بدران المهنية، فماذا تكون ملامح هذه الفترة التي أعلن لها مشاريعه المتأخرة، وماذا يكون انعكاسها على فكره التطبيقي ضمن إطار إشكالية الأصالة والمعاصرة التي ما فتئ يسعى حثيثا لطرحها منذ السبعينيات.

لعل فترة التسعينيات قد عكست قدرات التعامل الفكري مع الطروحات المختلفة وصياغتها ضمن عمل معماري واحد متجانس.

يسعى المعماري راسم بدران إلى دمج البناء الجديد في الطوبوغرافيا أو في بنية المدينة ليتكامل معها. تقيم صالات عرض معهد العلاقات الخارجية في برلين وشتوتغارت معرضاً للعمارة، تقدم فيه أعمالاً للفنان والخطاط والمعماري المقدسي راسم بدران. 

"الأسماء بشائر".

 ينطبق هذا القول تماماً على راسم بدران، فقد نشأ راسم وترعرع مع ريشة الخط وفرشاة الرسم والألوان. والده الخطاط والرسام الفلسطيني المعروف جمال بدران (1909 – 1999)، رمَّمَ خطوط قبة الصخرة في المسجد الأقصى في القدس وكذلك لوحاتها الجدارية في عامي 1929 و1969.

عمل الأبن راسم في مُحْتَرَفات بدران الأب، بدايةً في القدس ولاحقاً في رام الله. وحاز على جائزته الأولى في فنون الرسم والتصوير في مسابقة عالمية بين 5000 طفل في الهند وهو في الثانية عشر من عمره.

دفعه ولعه بالطائرة لأن يجتهد ليصبح مهندساً للطيران في ريعان شبابه. بيد أن الحظ لم يحالفه بدراسة الهندسة في مصر. فقرر الرسّام الموهوب دراسة العمارة في المانيا لاحقاً، حيث تخرّج في مطلع السبعينات من المعهد العالي للدراسات التقنية في دارمشتادت.

حقق بعض مشاريعه وتصميماته العمرانية الأولى في المانيا (مثل وحدات سكنية "ايليمنتا 1972" في مدينة بون) بدايةً، قبل أن يعود في العام ذاته إلى رام الله، لينتقل بعد عام من ذلك للإقامة في عمّان، حيث أسس مكتبه للهندسة المعمارية "دار العمران". ويُعَد راسم بدران اليوم بلا أدنى شك من أهم المعماريين في العالم العربي.

الإنسان في محور الاهتمام

حضّر بدران المعرض لصالات عرض معهد العلاقات الخارجية في برلين وشتوتغارت بنفسه، وصمم جدران العرض اللازمة للمعرض كذلك – يمكن معاينة هذه التصاميم على شكل مجسمات في المعرض.

وتمثل المشاريع المعروضة مختارات من أعمال بدران، بينما يشكل المعرض بمجمله نوعاً من الإستعادة لإنجازات الفنان المتعدد المواهب، والتي بدأت بالرسم، حيث كان الإنسان موضوع أعماله في البدء ليهتم بالطبيعة لاحقاً ولينتقل من ثم إلى الآلة.

يمكن لزائر المعرض أن يشاهد أيادي ووجوه إنسانية من مرحلة البداية، وأشجار وطبيعة وكذلك مركبات فضائية خيالية. يليها عرض لتصاميم عمرانية منجزة وعدد من مشاريع التخطيط المدني. معظم هذه التصاميم عبارة عن مسودات يدوية ورسومات بالألوان المائية رائعة، وكذلك مجسمات وصور.

عمران ضمن السياق

في مؤتمر الاتحاد الدولي للمعماريين عام 2002 في برلين سأل أحد الزملاء، الذين اشتركوا في مسابقة بناء المتحف المصري الجديد، راسم بدران في إحدى الإستراحات عن رأيه بالتصميم الذي سيقدمه. ألقى المعماري بدران نظره على التصاميم وقال للسائل:

التاريخ والتضاريس والرمل هي السمات الدامغة للموقع، حاول أن تزرع وتولف بنائك بالطوبوغرافيا الموجودة.

هذه النصيحة أو الملاحظة تُظهر مفهوم بدران الجوهري للتخطيط والبناء. الموالفة تعني لهذا المعماري المرهف الإحساس دمج البناء الجديد في الطوبوغرافيا أو في بنية المدينة ليتكامل معها، وليتكامل على ذات النحو مع البنية التاريخية والإجتماعية للمكان.

وربما استطاع المرء اختصار فكر المعماري بدران في عبارة "عمران ضمن السياق". إذ يتعامل مع المبنى كحلقة في النسيج العمراني المتضافر في حارةٍ أو حيٍ من أحياء المدينة، وكذلك الحال مع الحي في المدينة.

حركة الشمس والريح

تقوم تصاميم بدران على مثلث أضلاعه هي: الماضي – الحاضر – المستقبل. فهو يدرس تاريخ الموقع و يرنو إلى تطوره المستقبلي لكي يصل إلى الحاضر. يعبر من تراكمات الماضي متجهاً إلى المستقبل ليصل بأعماله إلى الآن وهنا.

يدع الجوانب الإجتماعية والثقافية والبيئية تنساب في أعماله. وينطبق هذا على مباني الأسرة الواحدة (مبنى حنظل، عمان) تماماً كما على الأحياء الكاملة (حي فوهايس، الأردن). ويبدو أن شاعرية المكان الأول، التي يتسم بها مسقط رأسه حاضرة في كل أعماله.

البناء التجميعي للمكعبات، وتدريجها وتداخلها هي أشكال تتردّد دائماً، لتضفي على المباني الكبيرة مثلاً نوعاً من التواضع، وتدخلها في محيطها لتتكامل معه (الجامع الكبير، بغداد).

الإتصال البصري بين الفراغات أو المباني تسهله الفتحات والممرات ومحاور للنظر. الأسطح والأدراج وإنسياب الشوارع تخلق مساحات عامة وشبه عامة للإلتقاء، لتدعو بذلك للمؤانسة في المكان. حساسيته للطبيعة ودورها تجد إنعكاسها في تصاميمه بوضوح، حيث تستفيد التصاميم من حركة الشمس والريح لتؤمِّن محيطاً صحياً للسكن والساكن (مباني سكنية وادي بو جميل، بيروت).

بداهة بدران في جمعه وموازنته بين التقاليد والحداثة تجعل أعماله فريدة، وتجعل منه فناناً أصيلاً ومعمارياً عربياً معاصراً وبارعاً، يضفي حيويةً على الأماكن التي يصممها ويعيد كتابة حكاياتها من جديد.

المعماري صلاح زيتون

حياته: 

بدأ صلاح زيتون حياته المعمارية منذ تخرجه عام 1939م وهو في سن الثانية والعشرون ، حينما بدأ حياته المهنية كمهندس بقسم التصميمات بمصلحة الشؤون القروية . وتدرج في السلم الوظيفي حتى إنتقل كرئيس لقسم التصميمات الهندسية بوزارة الصحة عام 1944م. هنا برزت ممارساته المهنية المتخصصة في المباني الصحية حتى أرسل في بعثة علمية إلى الولايات المتحدة فيما بين عامي 1946م و 1948م لاستكمال دراسته في تصميم المشافي والحصول على درجة الماجستير في العمارة من جامعة النينوى.


حيث أتيحت له فرصة العمل في مكتب المعماري العالمي المعروف فرانك لويد رايت بعد حصوله على درجة الماجستير في العمارة عام 1948م.


وانتهى به الأمر حتى وصل إلى رئاسة قسم المشروعات بوزارة الصحة عام 1949 م.


ثم انتقل إلى العمل في مجلس لتصميم النماذج النمطية لمستشفيات الصدر في الفترة من عام 1953م وحتى 1954م عندما انتقل الى رئاسة قسم التصميم في المستشفيات في الإدارة العامة للمباني عام 1955م وتدرج في وظائفها حتى أصبح مديرا لأقسام التصميمات المعمارية.


وفي هذه الأثناء بدأت ممارسته المهنية خارج الإطار الوظيفي ففاز بعدد كبير من المسابقات المعمارية لعدد كبير من المشروعات العامة كانت بدايتها تصميم عمارة مراد وهبة بشارع قصر النيل عام 1954م مع زميل عمره المعماري مصطفى شوقي فكانت بداية لمرحلة جديدة من مراحل بنائه الفكري وعمله المهني حيث تفرغ للعمل الخاص الذي وجد نفسه فيه عام 1960م وامتد عمل صلاح زيتون ليفوز بعد ذلك بجائزة تصميم مبنى المركز الثقافي في بني غازي بليبيا مع زميله مصطفى شوقي عام 1960م ثم مبنى الكلية الأمريكية بالمعادي 1966م وطور المستشفى العام بنيقوسيا بقبرص عام 1964م ومعامل تدخير الأمصال في بيروت عام 1965 م بوصفه مستشارا هندسيا بالهيئة الصحية العالمية بجنيف ومن أبرز أعماله التي يرتادها معظم المعماريين في مصر مبنى النقر الجديد لمعهد أبحاث البناء ( الهيئة العامة لبحوث البناء والتخطيط والإسكان حاليا ) وكان ذلك عام 1959 م عندما عمل مستشارا وفي هذه الفترة وضع أسس تصميم المستشفيات واستمر في هذا التخصص من المباني الصحية في فترة عمله مستشارا للهيئة العامة للتأمين الصحي ومستشارا معماريا لوزارة الصحة المصرية عام 1963م. 

جوائزه: 

تقديرا لهذا العلم الغزير كرمت الدولة صلاح زيتون حيث نال عام 1955م وسام الجمهورية من الطبقة الرابعة عما تم إنجازه في مجلس الخدمات ووساما آخر من نفس الطبقة عن الخدمات التي قدمها لوزارة الصحة المصرية في نفس العام.
كما منحته الدولة عام 1963م وسام العلوم والفنون ووسام الإستحقاق من الدرجة الثانية بمناسبة اتمام مباني مطار القاهرة الدولي. 
وأخيرا حصل على نوط الأمتياز من رئاسة جمهورية مصر العربية عام 1986م . كما منحه المؤتمر الثاني للمعماريين المصريين شهادة تقدير في نفس العام ويعتبر صلاح زيتون بذلك من القلائل الذين حصلوا على هذا الكم من التقدير سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشعبي بين زملائه المعماريين المصريين.

نهجه: 

عاش صلاح زيتون في مكتب فرانك لويد رايت فترة من أخصب فترات حياته المعمارية-كما يقول- قريبا من هذا الأستاذ العظيم الذي تعلم منه الكثير الأمر الذي مكنه من تصفية وتنقية أفكاره وتحديد اتجاهه المعماري.
ولذلك يعتبر صلاح زيتون أحد تلامذة فرانك لويد رايت. أخذ عنه الكثير من المقدرة على التعامل مع الفراغ المعماري ، واستخدم المادة على طبيعتها في البناء كأحد عناصر العمارة العضوية التي تميزت بها أعمال فرانك لويد رايت الذي استمر تأثيره الفكري بعد ذلك في أعمال صلاح زيتون خاصة المشروعات السكنية التي صممها في بداية حياته المهنية .
هكذا تفتح فكر صلاح زيتون على أنقى خصائص العمارة الأمريكية وهي المدرسة العضوية التي اشتهر بها فرانك لويد رايت وتركت آثارها في العديد من المعماريين في العالم وقد كانت مادة الطوب الظاهرة من أهم المواد التي استعملها صلاح زيتون بدقة وحساسية في الداخل والخارج في معظم أعماله مؤكدا صراحة التعبير عن العناصر الإنشائية في تكامل فني واضح تميزت به أعماله المعمارية ويعتبر مشروع الصالة المكشوفة للألعاب والمؤتمرات في مدينة نصر على قمة هذه الأعمال.
... وهو في كل تصميماته لم يدع صغيرة ولا كبيرة إلا وتعمق في تصميمها وقد أتاحت له فرصة التعامل مع هذه النوعيات الكثيرة من المشروعات اتساع الرؤية المعمارية في ضوء الواقع الحالي من متطلبات اجتماعية وعوامل بيئية ومؤثرات اقتصادية حاول من خلالها أن يقدم عمارة تتصف بوضوح الفكر و صراحة التعبير والالتزام بالمنطق والاتزان معبرا بذلك عن نفسه و ذاته دون انفعال أو افتعال وهو ما تتميز به صفاته الشخصية وسلوكياته المهنية هذا هو المعماري صلاح زيتون وعمارته صورة منه.

هناك تعليق واحد:

  1. في معي عماره 22طول في22عرض كم تكلف حديد ورمل وخرسان

    ردحذف

أسس تصميم الفنادق

أولا : الموقع : - العوامل المؤثرة علي أختيار الموقع تتغير حسب  طبيعة وأهمية الفندق و منها  :- القرب من المحطات الرئيسية ومن عقد الاتص...